|
||||||||
يافا القدس عمان و بالعكس (رحلة الشتات و العودة) ذكريات و روايات |
||||||||
|
الصفحة الاولى | الصفحة الثانية | الصفحة الثالثة | ||||||
حكاية حي المنشية بيافا بقلم: رنين جريس | علاء ابو ضهير/ المنشية 2010 | |||||||
ذكريات الفنانة اليافاوية تمام الاكحل في يافا | ذكريات من يافا للإعلامي هشام الدباغ | بداية حصار بيروت 1982: مأمون التميمي | ||||||
حكاية عائد الى يافا |
سأخبركم عن الفران حسين | خليل ابورزق/ مذكرات لاجئ من يومه | ||||||
حكاية حي المنشية بيافا بقلم: رنين جريس*
"
البنات كانت تروح تتعلم مثل الأولاد، الناس كانت تحب تعلّم
بناتهم. أنا كنت من الأوائل فيها، المديرة كان اسمها سهيلة
البزرة والمعلمات اسمهم سلوى خورشيد، وصال أبو ضب، عطاف جبر
ونجاح الأحول. كان فكري انه اخلّص المدرسة وأكمّل دراسة واطلع
معلمه مدرسه، بس ما أعطونا مجال، وصارت الحرب.
أمي وستي كان الهم سبع بيوت بالمنشية، أجرّوا ستة منهم وبالبيت السابع سكنّا فيه. بالبيت كنّا عايشين أنا وستي وأمي وأبوي وأخوي الصغير اللي كان عمره 9 سنين. كانت حارتنا كلها عرب، ما كان يهود أبدا، كان اليهود يومها قلائل ومش مثل اليوم كتار، وبذكر انه بالمنشية سكنوا بعض العائلات اليهودية واستأجروا بيوت من العرب، وما كان الهم أملاك بالمنشية. ما حسّينا انه اليهود بدهم يوخدو البلد، كان كل شي الهم سري. يحكوا مع الناس بمنيح، بس من وراهم يخططوا لأخذ بلادهم". اعتبرت المنشية الخط الفاصل بين الأحياء اليهودية وبين مدينة يافا، ومع ازدياد الهجرة اليهودية الى فلسطين واندلاع الثورة عام 1936، اعتبرتها الأحياء اليهودية بأنها أكثر المناطق خطراً عليهم بسبب قربها منها وتواجد الثوار فيها، واعتبرت أكبر مصدر للقلق الأمني على تل أبيب، كذلك لأنها تقطع امتداد هذه الأحياء نحو الشاطئ وتعرقل توسيع مساحتها. "بياع البيض قتلوه اليهود..." "الانجليزي كان مشاغب كتير"، حدثتني افتخار: "أجوا الانجليز وحوّطوا المنشية بسلك كبير مدّور، مدّوه من أول المنشية لعند سوق الكرمل اليهودي. دارنا كانت جوا السلك وكنت الصبح لما بدّي أروح على المدرسة، يكون الحارس واقف هناك، مرّات يكون أبن حلال ويخلينا نطلع ومرّات ما يرجّعنا ع بيوتا، كان تحركنا صعب كتير. الانجليز كانوا منحازين كتير لليهود، مثلا لو مسكوا مع ابن المنشية فرد كانوا يحبسوه 6 أشهر ويدوبوا الدخان بالمي ويسقوه اياه، أما اليهود فكان عندهم سلاح وكل شي وولا حدا يحكي معهم. مره واحد فلاح كان يبيع بيض، دخل على شارع اليهود، مسكوه اليهود وقتلوه، إحنا وقتها كنّا نلعب الزقّوطه، وشفناه مقتول وممد بالشارع، هاي أول الحرب بالمنشية، طلعنا نرمح (نركض) وصرنا نقول للناس "بياع البيض قتلوه اليهود، بياع البيض قتلوه اليهود"، وهجموا الطرفين على بعض. كان اليهود كل ما يختلوا بعربي جوا السلك يضربوه. في واحد اسمه محمد بلابل من المنشية أعدموه الانجليز عشان كان معه فرد. حاكموه وقتلوه قدام الناس كلها. حطّوه بين الناس بالساحة قبال تلة بيدس، وأذاعوا بالبلد انه في إعدام. الناس تجمعت، وقّفوه ولبّسوه وتشاهدوا عليه وطخّوه. هاي كانت أول الحرب..." احتلال: قامت عصابات الايتسل الصهيونية باحتلال المنشية وهدم بيوتها في شهري نيسان وأيار عام 1948، بعد أسابيع قليلة من احتلالها لقرية دير ياسين وقتل العشرات من سكانها. كان هدف الهجوم على المنشية هو إخماد الثورة فيه،ا وتمهيد الطريق أمام القوات الصهيونية للدخول الى مدينة يافا واحتلالها، وقد تم تهجيرّ جميع سكانها الى غزة والأردن والقليل منهم الى المدن المجاورة. بعد شهرين من طرد سكانها، توافدت الى المنشية بعض العائلات اليهودية المهاجرة وسكنت في بيوتها الفارغة لبضع سنوات. إحنا تهجّرنا من المنشية 6 مرّات: حدثتني افتخار: " لما صارت حرب ال 48، صار السلك اللي يفصل بين العرب واليهود بالمنشية كبير، وصارت الناس تنظر لليهودي كيهودي والعربي كعربي، وبدأت الكراهية وبدأت الحرب وصار في مقاومين وثوار. العرب ما كان عندهم جيش منظم، كان بس مقاومه شعبيّة. اليهود كان عندهم جميع الاسلحه، وصاروا يضربوا علينا قنابل من سوق الكرمل ومن تل أبيب، الضرب علينا كان ليل نهار مثل زخ المطر، واللي بالعجمي كانوا يضربوا عليهم من مصنع البيرا من بات يام. أهل المنشية الفقراء هربوا على البحر، سمعوا انه المصريين بتجيب سفن وبتحمّل الناس على مصر ببلاش، كتير ناس نزلت ع البحر. انا كنت أشوف الناس كيف تحط أغراضها بالسفن وبعدين يرموهم بالبحر لأنه الحِمل كان ثقيل. ستي تتطلّع علي وتقول لي: " شايفي يا ستي اللي بطلع من داره بقلّ مقداره". أهلي بالمنشية ما كان بدهن يهاجروا وكان كل ما يضرب اليهود علينا قنبلة نتنقل لبيت تاني بداخل المنشية. مرّه أجا مدفع على حيط الجنينية عند دار سيدي، كانت دار من طابقين، المدفع هدّ الحائط بس ثاني يوم خالي صلّحه ونقلنا على بيت تاني... بنفس المنشية إحنا تهجرنا 6 مرات، وما بدنا نطلع منها." اطلعوا من الدور... اليهود وصلوا فرن خلف!! " إحنا آخر ناس طلعت من المنشية"، استمرت افتخار في حديثها: " الناس هجّت ع البحر وعلى اللد والرملة والأردن، خصوصاً بعد ما سمعوا بمجزرة دير ياسين. كانوا يقولوا انه بشقوا بطن الحبلى وبيطلعوا الجنين من بطنها وهذا اللي خوف الناس اكثر واكثر. بقينا إحنا وأربع عائلات بالمنشية. بشي يوم بساعات الصبح دخل ع المنشية واحد من المناضلين، وصار ينادي، يا ناس يا عالم، اطلعوا من الدور، اليهود وصلوا فرن خلف. أمي طلعت من الدار واللا هو واقف على باب الدار. قاللها بسرعة اليهود صاروا بفرن خلف، طلعنا من البيت وقلت له انه ستّي كبيره وبما بتقدر تطلع، قال لي بحملها. كان هو حامل شنطة وسلاح بدون فشك. أعطاني احملهم وهوي حمل ستّي على ظهره وطلعنا على يافا بالاطومبيلات (السيارات). من المنشية ركبت معنا مرا كبيره اسمها سعدية شقير ومعها بنت بنتها، كانت بصفي بالمدرسة. بعد ما البنت ركبت بالاوطومبيل، قالت لنا سعدية انها نسيت المصاري بالدار، وصارت بدها ترجع، النسوان قالولها ما تروحي أحسن ما يقتلوك، قالت لهم ما بقتلوني أنا مرا كبيره، ما ردت عليهم وراحت، اليهود مسكوها وقتلوها، وضلت ثلاث أيام بالدار ميته وما حدا قدر يروح يجيبها. بس بعدين راح ناس من يافا سحبوها بحبال وجابوها على يافا." العجمي: تستمر افتخار ترك في حديثها قائلة: الاوطومبيل نزلنا بشارع بشديروت (شارع النزهة سابقاً) بنص الشارع، البلد كانت فاضية من الناس وكل منطقة كان فيها ثلاث أو أربع عائلات، اجو اليهود أطلعوهم من دورهم وجمعوا الناس في حي العجمي. بعدها بمدّه مدّوا سلك على البلد من عند السبيطار (المستشفى) الفرنسي لعند عمارة السفير الفرنسي، إحنا جوا واليهود برا، همّ بروحو وين ما بدهم وإحنا بالسجن. لما وصلنا شارع النزهة لا كان معنا أواعي ولا شي، وين بدنا نروح؟ كان معنا مرأة كبيرة من دار الشيخ عوده وبنتها، رحنا معهم عند أقاربهم بالنزهة، وصلنا لهناك، دقينا على الباب، بس طلعوا أهل الدار مهاجرين والدار فاضي. دفعنا الباب وقعدنا بالبيت من الصبح للمغرب، كنت معهم أنا واخوي ابن ال 9 سنين. اخدت مصاري من ستّي ونزلت اشتريت خبز وجبنه وزيتون أسمر وحلاوة وأكلنا. ستّي قالت خلينا نروح عند دار عمتي أم صالح السمنهودي لأنه هون ما في فراش ولا أواعي. نزلت ع الشارع ولاقيت داليجانس (عربه يجرها حصان)، ما كان في تكسيات لأنه كل التكسيات كانت تنقل الناس برا يافا. وقّفت الزلمة وقلت له "يا عم الله يخليك إحنا هجرنا من المنشية وما في مطرح ننام فيه وبدنا نروح عند أقاربنا، ومنعطيك مصاري". اطلعنا معه وجينا عند دار أم صالح، استقبلتنا بميت مرحبا وضلينا عندها. قعدنا عندها شهرين وجينا بعدها هون ع بيتنا اللي إحنا ساكنين فيه لليوم. شو بدي احكيلك... تمرمرنا إحنا وكل الناس، كان عذاب وكان خوف. قسم من الشباب أخذوها ع الأسر وقسم أخذوهم على شط البحر وطخوهم واللي هاجروا كسبوها. قعدنا اشهر بالعجمي بدون أكل ولا شغل وأولاد كتير معنا. كان واحد اسمه الحاج احمد أبو لبن وأخوه عبد الرزّاق، كانوا تجار قماش بشارع بسطرس، صاروا ينادوا على أهل العجمي واخذوا الشباب وراحوا ع الميناء حتى يجيبوا مؤن للناس، الميناء كان مليان خيرات، حبوب، رز وحمص وفول. راحت الشباب ونقلوا كل المونه ع الحمير على شارع الأقباط. وفتحوا فرنين، واحد بشارع الحلوة وين بوظة اندري اليوم والثاني ورا السوق قريب ع دار السمنهودي. المنشية اليوم: بناء على قانون أملاك الغائبين، تمت مصادرة جميع بيوت وأراضي المنشية والتي بلغت حوالي 2,400 دونم، الى ملكية الدولة للتصرف بها. وكونها تقع في مكان استراتيجي يربط تل أبيب بمدينة يافا، قررت الحكومة الإسرائيلية عام 1963، إعادة بناء المنشية وتحويلها الى مركز تجاري، مقاهي، فنادق، الى جانب آلاف الوحدات السكنية والحدائق العامة التي تخدم سكان تل أبيب والمناطق المجاورة وتستقطب السائحين اليها، ولهذا الهدف أقيمت لجنة حكومية-بلدية خاصة باسم "احوزات هحوف" والتي أعلنت عن مناقصة دولية لتخطيط وبناء الحي من جديد. كما هو الحال اليوم في مدينة يافا، يعكس "مشروع المنشية" الذي تبنته مدينة تل أبيب والحكومة الإسرائيلية، سيرورة هدم هذا الحي، التي بدأت منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا وتشريع الهدم وتغيير معالم المكان من خلال تعريفه كمشروع "تخطيط" أو "تطوير" على مدار كل تلك السنين. "بالأول موت وهلأ تعذيب..." " ممنوع نبني وممنوع نشتري بيوت" تواصل افتخار: "المنشية اليوم هدّوها وعملوها طاييلت (كلمة بالعبرية معناها متنزه)، هدّوا البيوت ورموهم بالبحر. هدّوا بيوت أمي وستي. بعد سنين رجعت أشوف شو صار بالمنشيّة، ما ضل أشي...أنا لليوم معي كواشين وأوراق الدور اللي كانت باسم ستّي وأمي. خالي خليل اللمداني، كان اله بيارتين بيازور، اخذوهم وقلعوا البرتقال كله ورحّلوه على غزة. خالي إبراهيم، كان عند قهوة اسمها قهوة الحج ابراهيم اللمداني، وقهوة ريانه وين الجامع الكبير، وقهوة بالميناء. كل عائلتي كانت ملاكين ومتعلمين. بس اليوم عنا مشكله اكبر من اللي فاتت. وهي انه بدهم يهدوا قسم من بيتنا اللي إحنا ساكنين فيه اليوم. الدولة ما رضيت تعطينا رخص عشان نبني لأنه ما بدهم انه العرب يبنوا ويتوسعوا، إحنا بنينا غرفة صغيرة واليوم في امر هدم الها. وقّفنا محامي بس ما في نتيجة بعد. لليوم لاحقينا، صارت الدولة مهدمة حوالي 100 دار بالعجمي، وكلهم لناس فقرا. ما بدهم عربي لا بيافا ولا بغير يافا، شو نعمل؟؟ ممنوع نبني وممنوع نشتري بيوت!!...عيشتنا كانت صعبة وإحنا بالمنشية واليوم أصعب... بالأول موت وهلأ تعذيب. رنين جريس: باحثة فلسطينية ومركزة مشروع التاريخ الشفوي في جمعية ذاكرات، حيفا. _____________________________________ ذكريات من يافا للإعلامي هشام الدباغ:
ومسجد يافا الكبير ما يزال صامداً أيضاً. يؤذِّنُ فيه للصلوات
الخمس، وبمجرد دخولي إليه، وقت صلاة الظهيرة، تجمعَ حولي بعض أهالي
يافا ممن بقوا فيها، وأخبرني الحارس ان ابن عمِّ والدي، المرحوم
عبد القادر الدباغ، لم يشأ ان يهاجر مع من هاجر، وبقي في المسجد،
حيث كان إمام المسجد في تلك الفترة. وأسَّس هناك مكتبة عامرة حَوتْ
على نوادر الكتب العربية في التفاسير، والتاريخ، والحضارة
الاسلامية.
خرجت من المسجد برفقة أحد أبناء يافا، لألقي نظرة على منزل عمي المرحوم، علي الدباغ، وكان البيت يقبع تحت مدرسة حسن عرفة. ولما وصلت إلى هناك، وجدت المنزل قد سوَّي بالأرض، وبالقرب من المسجد، أصرَّ أحد أبناء يافا، وهو الأستاذ مصطفى سيف، أن يستضيفني عنده، فبيته يطلُّ على البحر، وقريباً من المسجد، فأقمت ضيفاً عنده ثلاثة أيام، وكان يخرج معي كلَّ يوم لنتجول في مدينة يافا... كنت أُقبِّلُ البيوت والمساجد بعيني، وأتحسس بيدي الأبواب والشبابيك القديمة، وأطيل النظر عند الآرمات العربية، وأتناول طعام الغداء ملتهماً كمية وافرة من أسماك يافا الشهية... ومع كل لقمةٍ كانت غصَّةٌ وحسرة، متسائلاً: متى نعود إليك يا مدينة الأحلام والزهور، ويا أرض البرتقال الحزين. ___________________________________ سأخبركم عن الفران حسين: المهندس حسني حايك كاتب فلسطيني من لبنان , مواليد 1956،
مكان زحفهم على أنغام الحان مزامير داوود التي كانت تعزف لحنها
المنفرد في القتل والإبادة مفعم بحب الإنتقام. بينما كان فران
القرية عبد الرؤوف الشريف وإبنه حسين الذي لا يزيد عمره عن أربعة
عشرة عاما,
منشغلين
بألحان العتابا الفلسطينية ونشيد الحادي وهما يُخرجان الخبز الساخن
والمناقيش من حجرة الفرن,
حيث تجمعت حولهما النساء الفلسطينيات
وهن
يتبادلن النكاتِ, ويرددن الأهازيج والأغاني التي شاركن في ترديدها
أمام العروسين الذان تصادف موعد زفافهما,
مع زحف جنود (التوراة) إلى قريتهم في تلك الليلة. والغريب أن هؤلاء
النسوة لم يعلمن أن روحيّ العروسين المزفوفين قد رحلت إلى بارئها,
بعد أن وصلت خناجر المجرمين إلى رقابهم, قبل أن تصل إلى الفرن الذي
يضج بالمرح والنكات والأهازيج. وتحت جنح العتمة وصل المجرمون
(التوراتيون) كالجراد القادم من كل حدب (بمساعدة جيش الإنقاذ
العربي كما سنكتشف لاحقاً) إلى فرن عبد الرؤوف وكانت الفاجعة. كان
جنود (التوراة) منتشون حتى الثمالة بالحقد الأسود على كنعان الذي
ألبسوه حينها ثوب حسين إبن الفران.
ليمسكوا به, ويقذفوه داخل حجرة الفرن لأن لعنة كنعان شملت هذا
الطفل البريء, الذي لم يكن يعلم شيئاً عن مشاهده حام لعورة أبيه
(نوح). ولم يدري الوالد المذهول المسكين أن اللعنة شملته أيضاً
لأنه شرب من لبن الأرض المباركة وأكل من عسلها. وحين حاول والد
الطفل أن يصرخ من وقع المفاجأة, مزق الرصاص الحاقد جسده دون رأفةً.
تقول الحاجة أم صالح إسماعيل التي شاهدت الواقعة كان في الفرن
عشرون إمرأة تم أخذهن أسرى. لكن صالحية زوجة شاكر مصطفى إستطاعت
الهروب إلى بيتها لإنقاذ وليدها الرضيع,
الذي تركته لريثما تخبز مؤونة البيت من العجين. وحين وجدت طفلها
يصرخ, ضمته إلى صدرها تريد إطعامه, وهرولت مسرعة به إلى إرشيف
المجزرة والتاريخ. ليسأل طفلها طفل إبن تلك الأم الهندية الممدة
تحت علم الهدنة, هل أخبرتك آخر نقطة شربتها من ثديّ أمك حقيقة
الحقد (التوراتي) ضد ابناء كنعان! تروي الحاجة زينت الياسيني (أم
صالح) أنها شاهدت صالحية ممددة على الأرض مع وليدها (الذي ينتظر
الجواب) الممدد فوق صدرها, بينما كانت الشاحنات تنقلها إلى أحياء
القدس, مع الأسيرات الفلسطينيات الأخريات الذين يبكون آبائهم
وأطفالهم المكدسون في الشاحنات الأخرى. يقول كولونيل الإحتياط
مائير باعيل (الضابط السابق) الذي شارك في هذه المجزرة إلى صحيفة
يديعوت أحرونوت في عددها الصادر يوم 4\4\1972م , الآتي:"... قمنا
بذبح جميع السكان المتواجدين في القرية, والبالغ عددهم 254 نسمة".
وألقى (التوراتيون) بالجثث في قبر جماعي بعد أن مثلوا بها. وأبقوا
على بعض النساء أحياء وجردونهن من ثيابهن, وطافوا بهن عاريات في
شاحنة في شوارع القدس الغربية. وبعد ذلك تم قتل الأسرى بدم بارد.
وعن الأسرى الشيوخ, يقول الجنرال الصهيوني مئير بعيل, إنهم كانوا
25 رجلاً وأخذوهم مقيديين إلى القدس, فأجروا مسيرة عسكرية في بعض
الأحياء اليهودية عارضين فيها هؤلاء الشيوخ, وعادوا بهم بعد ذلك
إلى أحد المحاجر حول قرية دير ياسين, وأطلقوا عليهم النار. أما
الحاجة حليمة عيد فتقول:" رأيت رجلا يطلق رصاصة فتصيب عنق خالدية
زوجة أخي, التي كانت موشكة على الوضع, ثم قدم هذا الرجل بوحشية فشق
بطنها بسكين لحام.
ولما حاولت عائشة رضوان إخراج الطفل من أحشاء الحامل الميتة قتلوها
أيضا". وتقول حنة خليل:" شاهدت رجلا يستل سكينا كبيرا ويشق بها جسم
جارتنا جميلة حبش من الرأس إلى القدم. ثم يقتل بالطريقة ذاتها
جارنا فتحي على عتبة المنزل". وهناك الكثير من المشاهدات والروايات
لأكثر من خمسة وعشرين من الحوامل. ذبحن وبقرت بطونهن, بعد أن تمت
المراهنة بين جنود (التوراة) على نوع جنس الجنين في أحشاء
الذبيحات. كما أن هناك الكثير من الروايات المختلفة التي تحدثت
بإستغراب عن عمليات قتلٍ لما يقرب من إثنين وخمسين طفلا لم تتجاوز
أعمارهم العاشرة. بعد أن هشمت رؤوسهم, وقطعت أياديهم وأرجلهم
بطريقة بشعة. دون أن يعلم راووها سبب مقتل هؤلاء الأطفال. كانت
برقية وصلت على أثير الموجات الإسقاطية لكهنة (التوراة) إلى
الجنود, نصت على الآتي... من (يوشع- 13 - 16) إلى الزاحفين على دير
ياسين:" تجازى السامرة لأنها قد تمردت على إلهها, بالسيف يسقطون
تحطم أطفالهم والحوامل تشق". قال كريتش جونز كبير مندوبي الصليب
الأحمر بعد المجزرة:" لقد ذبح 300 شخص بدون مبرر عسكري أو إستفزاز
من أي نوع, وكانوا رجالاً متقدمين في السن ونساءً وأطفالاً رضع.
وكان قد سئل بعد هذه المجزرة واضع مخطط المجزرة الحائز على جائزة
نوبل للسلام مناحيم بيجن, في مقابلة أجرتها معه صحيفة (هتحيا), عما
إذا كان قد قام فعلا بجرائم ضد النساء الحوامل؟.
فأجاب:" وهل فعلت ذلك إلا من اجل شعبي"!. وهكذا تجرأ حاكم أكبر
كيان عربي, كما تجرأ من يدعون تمثيل الشعب الفلسطيني بمصافحة تلك
الأيدي الملطخة بدماء الأبرياء,
والتوقيع على معاهدات ( لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم) الواردة
في (التوراة).
|
||||||||
الصفحة السابقة الصفحة التالية |
|