يافا في سطور    اعلام الفكروالقيادة جهاد و كفاح  مقالات واراء        ذكريات        شعر       فيديو وموسيقى الصفحة الرئيسية

يافا القدس عمان و بالعكس (رحلة الشتات و العودة)
cover
  
     

يافا في الشعر العربي:
مقتطفات من محاضرة للدكتور سمير فوزي حاجّ مؤلف كتاب "يافا بيّارة العطر والشعر" بتاريخ 24/6/2012 بعنوان: "الفردوس المفقود: صورة يافا في الشعر العربي الحديث بشكل عام والفلسطينيّ بشكل خاص".
بيّن الدكتور سمير حاجّ، أنّ يافا من أكثر المدن التي لها حضور في المتخيّل الشعريّ العربيّ عامّة والفلسطينيّ خاصّة، لأنّها كانت أهمّ المدن الفلسطينية، ومركز إشعاع ثقافيّ وسياسيّ واجتماعيّ واقتصاديّ وميدانا للحداثة، ولأنّها ترمز في الذاكرة الجماعية إلى ضياع وطن وتهجير شعب، ولقبّها الشّعراء قبل النكبة بـ"عروس فلسطين" و "عروس البحر" و "عروس الشاطئ" و "مدينة الزهور "و "يافا الجميلة" و "الأرض الطيّبة " و " واحة أفلتت من الجنّة " و" فوّاحة الشّذى "، و بعد النكبة "الفردوس المفقود " و " أرض البرتقال الحزين ".

كانت البرتقالة رمزها، حيث كانت تصدّر سنوياً في ثلاثينيات القرن العشرين عشرات الملايين من صناديق البرتقال. وفيها نشأ شعراء وكتّاب ورجال فكر أمثال محمود سليم الحوت (1916-1989 )، محمود نديم الأفغانيّ (1926-1980 )،كامل توفيق الدجاني (1899-1985)، هيام رمزي الدردنجي(1942) ،بشير خليل قبطي (1920-1995) ،عادل جبر (1885-1953 ) ،محمود سيف الدين الإيراني(1914-1974 )، هشام شرابي (1927-2005) ،إبراهيم أبو لغد (1929-2001) ،ويوسف هيكل (1907-1989 ) وغيرهم وغيرهم ..

وقال الدكتور سمير حاجّ :" ليافا في التشكيل الشّعريّ صورتان نقيضتان، واحدة قبل النكبة تتمثّل بفسيفساء جميلة ،مركّبة من بيّارات برتقال، وشاطئ جميل وميناء ،وقوارب وسفن وبحّارة وأصداف ورمال، وسماء ونجوم ،وأعراس وسهرات وفتاة كاعب، وزهرة فوّاحة الشّذى.." ومثّل لذاك بنصوص شعرية ترجمها للعبرية منها قصيدة زهرة البرتقال للشّاعر الفلسطينيّ حسن البحيريّ (1919-1998 )،التي يقول فيها :

أتسأل عن زهرة البرتقال عن السرّ في سحر إزهارها

عن الفجر يوقف ركب الصباح ليقبس فتنة أنوارها

عن العطر تسكب منه النجوم سلاف الدّنان لسمّارها

و قصيدة يافا الجميلة للشاعر العراقيّ محمّد مهديّ الجواهريّ (1900-1997)،الذي زار يافا في النّصف الأوّل من أربعينيات القرن الماضي، بتكلفة من هيئة الإذاعة البريطانية، وألقاها في (النادي العربيّ) ،وممّا قال فيها :

و"بيّاراتها" ضربت نطاقا يخطّطها كما رسم الكتاب

فقلت وقد أخذت بسحر "يافا" وأتراب ليافا تستطاب

"فلسطين " ونعم الأم ، هذي بناتك كلّها خود كعاب

وصورة ثانية بعد النكبة ، تصوّر فيها يافا بالهدم والخراب والضياع مثل الأرض اليباب أو النكروبوليس ( مدينة الموتى). وقد تحوّلت في قصيدة الحب...والجيتو عند الشاعر الفلسطينيّ راشد حسين (1936-1977)، من مدينة تصدّر البرتقال، إلى مدينة تصدّر اللاجئين:

يافا -لمن يجهلها- كانت مدينة مهنتها تصدير برتقال

وذات يوم هدمت..وحوّلوا مهنتها..تصدير لاجئين

وفي قصيدة العرب اللاجئون للشاعر العراقيّ، عبد الوهاب البياتي (1926-1999) ،تحوّلت يافا من بيّارة برتقال مميّز وشهير، إلى إعلان تجاريّ صغير ،كتب باللغة الإنجليزية بكلمة Jaffa ، يلصق على حبّات البرتقال، التي تصدّر إلى أوروبا، لكن بهويّة وماركة مختلفتين، عمّا كان قبل النكبة :

يا من رأى "يافا" بإعلان صغير في بلاد الآخرين

يافا على صندوق ليمون معفّرة الجبين

يا من يدقّ الباب

نحن اللاجئين متنا

وما " يافا" سوى إعلان ليمون

فلا تقلق عظام الميّتين

نزار قباني يكتب ليافا الشاعر الشهيد كمال ناصر قال في يافا
قصائد الى يافا - عبد الوهاب البياتي يافا الجميلة -  محمد مهدي الجواهري
 تميم البرغوثي  في القدس ،  طمنوا ستي ام عطا "يافــا"   - محمود نديم الافغاني
مختارات للشاعر ابراهيم طوقان

على أبواب يافا  - فدوى طوقان

مختارات للشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود سائل   العلياء   عنا     والزمانا   -  بشارة الخوري (الاخطل الصغير)
محمود درويش عائد الى يافا اناديكم - توفيق زياد
نشيد العودة و الانتظار (يعقوب يوسف شيحا)   
poetry

أكتب عن يافا..وعن مرفأها القديم...
عن بقعة غالية الحجار...
يضيء برتقالها...
كخيمة النجوم...
تضم قبر والدي...وإخوتي الصغار..
هل تعرفون والدي..
وإخوتي الصغار؟..
اذ كان في يافا لنا..
حديقة ودار...
...
يلفها النعيم...
وكان والدي الرحيم...
مزارعاً وشيخاً...يحب الشمس.. والتراب..
والله..والزيتون...والكروم...
كان يحب زوجه وبيته..
والشجر المثقل..بالنجوم...
...وجاء أغراب مع الغياب..
من شرق أوروبا..ومن غياهب السجون..
جاءوا كفوج جائع من الذئاب...
فأتلفوا الثمار..
وكسروا الغصون...
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم...
والخمسة الأطفال في وجوم...
واشتعلت في والدي كرامة التراب...
فصاح فيهم: اذهبوا الى الجحيم...
لن تسلبوا أرضي ياسلالة الكلاب..!
...ومات والدي الرحيم..
بطلقة سددها كلب من الكلاب عليه..
مات والدي العظيم...
في الموطن العظيم...
وكفه مشدودة شداً الى التراب...
فليذكر الصغار..
العرب الصغار حيث يوجدون...
من ولدوا منهم ..ومن سيولدون..
ماقيمة التراب..
لأن في انتظارهم...
معركة التراب....
_______________________________________

يافا الجميلة
poetry

بـ " يافا " يومَ حُطَّ بها الرِكابُ تَمَطَّرَ عارِضٌ ودجا سَحابُ
ولفَّ الغادةَ الحسناءَ ليلٌ مُريبُ الخطوِ ليسَ به شِهاب
وأوسعَها الرَذاذُ السَحُّ لَثْماً فَفيها مِنْ تحرُّشِهِ اضطِراب
و " يافا " والغُيومُ تَطوفُ فيها كحالِمةٍ يُجلِّلُها اكتئاب
وعاريةُ المحاسن مُغرياتٍ بكفِّ الغَيمِ خِيطَ لها ثياب
كأنَّ الجوَّ بين الشمسِ تُزْهَى وبينَ الشمسِ غطَّاها نِقاب
فؤادٌ عامِرُ الإيمانِ هاجَتْ وسوِسُه فخامَرَهُ ارتياب
وقفتُ مُوزَّعَ النَّظَراتِ فيها لِطَرفي في مغَانيها انْسياب
وموجُ البحرِ يَغسِلُ أخْمَصَيْها وبالأنواءِ تغتسلُ القِباب
وبيّاراتُها ضَربَتْ نِطاقاً يُخطِّطُها . كما رُسمَ الكتاب
فقلتُ وقد أُخذتُ بسِحر " يافا " واترابٍ ليافا تُستطاب
" فلسطينٌ " ونعمَ الأمُ ، هذي بَناتُكِ كلُها خوْدٌ كَعاب
أقَّلتني من الزوراءِ رِيحٌ إلى " يافا " وحلَّقَ بي عُقاب
فيالَكَ " طائراً مَرِحاً عليه طيورُ الجوِّ من حَنَقٍ غِضاب
كأنَّ الشوقَ يَدفَعُهُ فيذكي جوانِحَهِ من النجم اقتراب
ركبِناهُ لِيُبلِغَنا سحاباً فجاوزَه ، لِيبلُغَنا السّحاب
أرانا كيف يَهفو النجمُ حُبَّاً وكيفَ يُغازِلُ الشمسَ الَّضَباب
وكيفَ الجوُّ يُرقِصُهُ سَناها إذا خَطرتْ ويُسكِره اللُعاب
فما هيَ غيرُ خاطرةٍ وأُخرى وإلاّ وَثْبةٌ ثُمَّ انصِباب
وإلاّ غفوةٌ مسَّتْ جُفوناً بأجوازِ السماءِ لها انجِذاب
وإلاّ صحوةٌ حتّى تمطَّتْ قوادِمُها ، كما انتفَضَ الغُراب
ولمّا طبَّقَ الأرَجُ الثنايا وفُتِّح مِنْ جِنانِ الخُلدِ باب
ولاحَ " اللُّدُّ " مُنبسِطاً عليهِ مِن الزَهَراتِ يانِعةً خِضاب
نظْرتُ بمُقلةٍ غطَّى عليها مِن الدمعِ الضليلِ بها حِجاب
وقلتُ وما أُحيرُ سوى عِتابٍ ولستُ بعارفٍ لِمَنِ العتاب
أحقَّاً بينَنا اختلَفَتْ حُدودٌ وما اختَلفَ الطريقُ ولا التراب
ولا افترقَتْ وجوهٌ عن وجوهٍ ولا الضّادُ الفصيحُ ولا الكِتاب
فيا داري إذا ضاقَت ديارٌ ويا صَحبيْ إذا قلَّ الصِحاب
ويا مُتسابقِينَ إلى احتِضاني شَفيعي عِندَهم أدبٌ لُباب
ويا غُرَّ السجايا لم يَمُنُوا بما لَطُفوا عليَّ ولم يُحابوا
ثِقوا أنّا تُوَحَّدُنا همومٌ مُشارِكةٌ ويجمعُنا مُصاب
تَشِعُّ كريمةً في كل طَرفٍ عراقيٍّ طيوفُكُم العِذاب
وسائلةٌ دَماً في كلِّ قلبٍ عراقيٍّ جُروحُكم الرِغاب
يُزَكينا من الماضي تُراثٌ وفي مُستَقْبَلٍ جَذِلٍ نِصاب
قَوافِيَّ التي ذوَّبتُ قامَتْ بِعُذري . إنّها قلبٌ مُذاب
وما ضاقَ القريضُ به ستمحو عواثِرَهُ صُدورُكم الرّحاب
لئنْ حُمَّ الوَداعُ فضِقتُ ذَرعاً به ، واشتفَّ مُهجتيَ الذَّهاب
فمِنْ أهلي إلى أهلي رجوعٌ
وعنْ وطَني إلى وطني إياب
   

                                          

في القدس
مرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّناعَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌفماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُإذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَهاتُسَرُّ ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها
فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُهفليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةًفسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها

...

في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته

يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في طلاءِ البيتْ

في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا

يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها

في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ،

رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،

قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى

وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً

تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاً

مَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ

في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ

في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ

في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ

...

وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً

أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم، وتبصرُ غيرَهم

ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ

أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ يابُنَيَّ

حجابَ واقِعِها السميكَ لكي ترى فيها هَواكْ

في القدسِ كلًّ فتى سواكْ

وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها

ما زِلتَ تَرْكُضُ خلفها مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها

فًارفق بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ

في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ

...

يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً،

فالمدينةُ دهرُها دهرانِ

دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ

وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ

...

والقدس تعرف نفسها،

إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ

فكلُّ شيئ في المدينةِ

ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ

...

في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ

حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ

تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ

...

في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ

في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،

فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،

تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها

تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها

تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها

إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها

وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها

ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً

إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ

...

في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ

كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ

ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،

أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،

وَهْوَ يقول: "لا بل هكذا"،

فَتَقُولُ: "لا بل هكذا"،

حتى إذا طال الخلافُ تقاسما

فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ

إن أرادَ دخولَها

فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ

...

في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،

باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في إصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ أتى حلباً

فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،

فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً، فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ

...

في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ

واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ

وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: "لا تحفل بهم"

وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: "أرأيتْ!"

...

في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،

كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،

والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ

...

في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً

لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ

يابْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ

...

في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،

فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ

...

في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها

الكل مرُّوا من هُنا

فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا

أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ

فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ

والتاتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،

فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى

كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا

أتراها ضاقت علينا وحدنا

يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا

يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ

...

العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها

والقدس صارت خلفنا

والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،

تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ

إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ

قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ

يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟

أَجُنِنْتْ؟

لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ

لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ

في القدسِ من في القدسِ لكنْ

لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْتْ

طمنوا ستي ام عطا 

طمنوا ستي ام عطا بإنه القضية

من زمان المندوب وهي زي ما هية

لسة بنفاصل القناصل عليها

      زي ما بتفاصلي ع الملوخية

لكن اطمني وصلنا معاهم

    بين ستة وستة ونص في المية

بطلع لهم يا ستي حيفا ويافا

        ولنا خرفيش وسيسعة برية

ولنا دولة يحرسها طير السنونو

   يا ام عطا ولبسوه رتب عسكرية

والسنونو إلو نمو اقتصادي

         والسنونو إلو خطط أمنية

والسنونو عم ينبذ العنف ويعلن

          إلتزامه الكامل بالاتفاقية

ولنا برضه يا ستي سجادة حمرا

       تالسنونو يأدي عليها التحية

والنا قمة يدعو إليها السنونو

      يعقدوها في الجامعة العربية

حيوا برج الحمام وحيوا حمامه

       من ملوك المحبة والأخوية

يا حمام البروج ويا موالينا

      يا دوا الجرح ويا شفا البردية

يا شداد الخطر على أعادينا

    وحبكو إلنا حب قيس للعامرية

راح أقول اللي قالوا طوقان قبلي

   أخو فدوى وبن الأصول الزكية

في يدينا بقية من بلادٍ

    فاستريحوا كي لا تضيع البقية

poetry
قصائد الى يافا
للشاعر عبد الوهاب البياتي

يافا نعود غداً اليك مع الحصاد
ومع السنونو والربيع
ومع الرفاق العائدين من المنافي والسجون
ومع الضحى والقبرات
والامهات

(يافا) يسوعك في القيود
عار،تمزقه الخناجر،عبر صلبان الحدود
وعلى قبابك غيمة تبكي،
وخفاش يطير

يا وردة حمراء، يا مطر الربيع ..
قالوا- وفي عينيك يحتضر النهار
وتجف ، رغم تعاسة القلب ، الدموع –

قالوا : (( تمتع من شميم عرار نجد ، يارفيق ))
فبكيت من عاري :
((فما بعد العشية من عرار ))

فالباب اوصده ( يهوذا ) والطريق
خال ، وموتاك الصغار
بلا قبور ، يأكلون
أ كبادهم ، وعلى رصيفك يهجعون
______________________________________________

 

محمود درويش ابو علي اياد 1935 - 1971
محمود درويش 1941 - 2008 ابو علي اياد 1935 - 1971

 محمود درويش: عائد الى يافا

{كتبها في بداية السبعينيات من القرن العشرين، إثر استشهاد القائد الفلسطيني أبو علي إياد. ومما يفهم منها أن أبا علي إياد عاد، ميتاً، شهيداً، إلى يافا، لأنه يرفض حياة اللجوء، فالأرض هي اللاجئة، وهي لاجئة في جراحه، وهكذا رحل إلى يافا ليسكن فيها. رحل عنا}

هو الآن يرحل عنا

ويسكن يافا

و يعرفها حجرا حجرا

و لا شيء يشبهه

و الأغاني

تقّلده..

تقلد موعده الأخضرا.

هو الآن يعلن صورته_

و الصنوبر ينمو على مشنقة

هو الآن يعلن قصّته_

و الحرائق تنمو على زنبقة

هو الآن يرحل عنا

ليسكن يافا

و نحن بعيدون عنه.

و يافا حقائب منسية في مطار

و نحن بعيدون عنه.

لنا صور في جيوب النساء.

و في صفحات الجرائد،

نعلن قصّتنا كل يوم

لنكسب خصلة ريح وقبلة نار.

و نحن بعيدون عنه،

نهيب به أن يسير إلى حتفه..

نحن نكتب عنه بلاغا فصيحا

و شعرا حديثا

و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف

و نحتجّ: ليس لنا في المدينة دار.

و نحن بعيدون عنه،

نعانق قاتله في الجنازة،

نسرق من جرحة القطن حتى نلمع

أوسمة الصبر و الانتظار

هو الآن يخرج منا

كما تخرج الأرض من ليلة ماطره

و ينهمر الدم منه

و ينهمر الحبر منّا.

و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرة

على خنجر؟

و المساء بعيد عن الناصرة !

هو الآن يمضي إليه

قنابل أو.. برتقاله

و لا يعرف الحدّ بين الجريمة حين تصير حقوقا

و بين العدالة

و ليس يصدّق شيئا

و ليس يكذب شيئا.

هو الآن يمضي.. و يتركنا

كي نعارض حينا

و نقبل حينا .

هو الآن يمضي شهيدا

و يتركنا لاجئينا!

و نام

و لم يلتجيء للخيام

و لم يلتجيء للموانيء

و لم يتكلّم

و لم يتعّلم

و ما كان لاجيء

هي الأرض لاجئة في جراحة

و عاد بها .

لا تقولوا: أبانا الذي في السموات

قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منا

و عاد..

هو الآن يعدم

و الآن يسكن يافا

و يعرفها حجرا.. حجرا

و لا شيء يشبهه

و الأغاني

تقلّده.

تقلد موعده الأخضرا

لترتفع الآن أذرعة اللاجئين

رياحا.. رياحا

لتنشر الآن أسماؤهم

جراحا.. جراحا.

لتنفجر الآن أجسادهم

صباحا.. صباحا.

لتكتشف الأرض عنوانها

و نكتشف الأرض فينا.

 

poetry 

الكبار يولدون كبارا. هذا هو شاعر كبير آخر رحل في سن صغيرة و لكنه ترك آثارا كبيرة.

إبراهيم عبد الفتاح طوقان شاعر فلسطيني (ولد في 1905 في نابلس بفلسطين - توفي عام 1941 في فلسطين). قومي مقاوم. عمل مدرسا للغة العربية و اذاعيا . له عدة دواوين. من أشهر قصائده التي كتبها في ثلاثينيات القرن الفائت، قصيدة "موطني" التي انتشرت في جميع أرجاء الوطن العربي، وأصبحت النشيد غير الرسمي للشعب الفلسطيني منذ ذلك الحين. كذلك قصيدة الفدائي وحي الشباب

موطني

الجلالُ والجمالُ

والسناءُ والبهاءُ

في رُباكْ

والحياةُ والنجاةُ

والهناءُ والرجاءُ

في هواك

هل أراكْ

سالماً منعَّما

وغانماً مكرَّما؟

هل أراكْ

في علاكْ

تبلغ السِّماكْ؟

موطني

موطني

الشبابُ لن يكلَّ

همُّه أن تستقلَّ

أو يبيدْ

نستقي من الـردى

ولن نكون للعدى

كالعبيد

لا نريدْ

ذلَّنا المؤبَّدا

وعيشَنا المنكَّدا

لا نريدْ

بل نُعيدْ

مجدَنا التليدْ

موطني

موطني

الحسامُ واليَراعُ

لا الكلامُ والنزاعُ

رمزُنا

مجدُنا وعهدُنا

وواجبٌ إلى الوَفا

يهزّنا

عزُّنا

غايةٌ تُشرِّفُ

ورايةٌ تُرفرفُ

يا هَناكْ

في عُلاكْ

قاهراً عِداكْ

موطني

 

الفدائي


لا تسل عن سلامته روحه فوق راحته

بدلته همومه كفناً من وسادته

يرقب الساعة التي بعدها هول ساعته

شاغل فكر من يراه بإطراق هامته

بين جنبيه خافق يتلظّى بغايته

من رأى فحمة الدجى أضرمت من شرارته

حملته جهنم طرفاً من رسالته
***************
هو بالباب واقف والردى من خائف

فاهدأي يا عواصف خجلاً من جراءته
*****************
صامت لو تكلما لفظ النار والدما

قل لمن عاب صمته خلق الحزم أبكما

وأخو الحزم لم تزل يده تسبق الفما

لا تلوموه قد رأى منهج الحق مظلما

وبلاداً أحبها ركنها قد تهدما

وخصوماً ببغيهم ضجت الأرض والسما

مر حين فكاد يقتله اليأس إنما
***************
هو بالباب واقف والردى منه خائف

فاهدئي يا عواصف خجلاً من جراءته

حي الشباب

كفكف دموعك ليس ينفعك البكاء ولا العويل

وانهض ولا تشك الزمان فما شكا إلا الكسول

واسلك بهمتك السبيل ولا تقل كيف السبيل

ما ضل ذو أمل سعى يوما وحكمته الدليل

كلا ولا خاب امرؤ يوما ومقصده نبيل

ما لم تقم به أنت فمن يقوم به إذن

حى الشباب وقل سلاما إنكم أمل الغد

والله مد لكم يدا تعلـو علـى أقــوى يـــد

وطني أزف لك الشباب كأنه الزهر الندي

_______________________________________________________

                          الحبشي الذبيح

برقت له مسنونة تتلهب    أمضى من القدر المتاح وأغلب

حزت فلا خذ الحديد مخضب   بدم ولا نحر الذبيح مخضب

وجرى يصيح مصفقا حينا فلا   بصر يزوغ ولا خطى تتنكب

حتى غلت بي ريبة فسألتهم  خان السلاح أم المنية تكذب؟

قالوا:حلاوة روحه رقصت به  فأجبتهم: ما كل رقص يطرب!

هيهات،دونكه قضى،فاذا به        صعق يشرق تارة ويغرب

واذا به يزور مختلف الخطى         وزكيه موتورة تتصبب

يعدو فيجن به العياء فيرتمي     ويكاد يظفر بالحياة فتهرب

متدفق بدمائه متقلب                   متعلق بذمائه متوثب

أعذابه يدعى حلاوة روحه؟   كم منطق فيه الحقيقة تقلب!

ان الحلاوة في فم متلمظ   شرها ليشرب ما الضحية تسكب

هي فرحة العيد التي قامت على  ألم الحياة،وكل عيد طيب



poetry
"يافــا"
محمود نديم الافغاني

"يافا" عليك تحيتي وســــــلامي .... "يافا" عروس الشرق والاسلام
يافا ذكرتك فاستفاضت ادمعــــي .... وذكـرت امسك فاستثار غرامي
يافا ذكرتك ف العشية والضحــى .... في الليل في سهري وفي احلامي.
يافا يعز علي ان تتألمــــــــــــي .... الام يـافــــا انهـــــــا آلامـــــــي
انا من يصون العهد يا يافا فهــــل .... ما زال في يافـا يصــــان ذمامي
يا قبلتي عند الصلاه ومن لهـــــا .... اما اصـــوم تهجـــــدي وصيامي
حاولت شرح عواطف مكبوتـــــه .... حاولت فاستعصـى علي مرامي
هذا دمي بدل الدموع اصوغــــــه .... فعسى فديتــك تفهمين كلامي
يا ليت شعري هل نعود فنلتقي .... بعــــد الفراق ولــو .. لقـاء مقام
يافا ترى يوما اراك بأعينــــــــي .... أم يا تـــــرى القاك بعــد حمامي
يا والدي إما قضيت مشـــرداً .... فادفـــن بيافا , ثم , بعض عظامي
فلعلني بعد الممات ازورهـــــا .... فيطيــب فيهـــا مرقـــدي ومقامي
الشاعرة فدوى طوقان

على أبواب يافا / قصيدة - فدوى طوقان

 

على أبواب يافا يا أحبائي
وفي فوضى حطام الدور .
بين الردمِ والشوكِ
وقفتُ وقلتُ للعينين :
قفا نبكِ
على أطلال من رحلوا وفاتوها
تنادي من بناها الدار
وتنعى من بناها الدار
وأنّ القلبُ منسحقاً
وقال القلب : ما فعلتْ ؟
بكِ الأيام يا دارُ ؟
وأين القاطنون هنا
وهل جاءتك بعد النأي ، هل
جاءتك أخبارُ ؟
هنا كانوا
هنا حلموا
هنا رسموا
مشاريع الغدِ الآتي
فأين الحلم والآتي وأين همو
وأين همو؟
ولم ينطق حطام الدار
ولم ينطق هناك سوى غيابهمو
وصمت الصَّمتِ ، والهجران
وكان هناك جمعُ البوم والأشباح
غريب الوجه واليد واللسان وكان
يحوّم في حواشيها
يمدُّ أصوله فيها
وكان الآمر الناهي
وكان.. وكان..
وغصّ القلب بالأحزان
*
أحبائي
مسحتُ عن الجفون ضبابة الدمعِ
الرماديهْ
لألقاكم وفي عينيَّ نور الحب والإيمان
بكم، بالأرض ، بالإنسان
فواخجلي لو أني جئت القاكم –
وجفني راعشٌ مبلول
وقلبي يائسٌ مخذول
وها أنا يا أحبائي هنا معكم
لأقبس منكمو جمره
لآخذ يا مصابيح الدجى من
زيتكم قطره
لمصباحي ؛
وها أنا يا أحبائي
إلى يدكم أمدُّ يدي
وعند رؤوسكم ألقي هنا رأسي
وأرفع جبهتي معكم إِلى الشمسِ
وها أنتم كصخر جبالنا قوَّه
كزهر بلادنا الحلوه
فكيف الجرح يسحقني ؟
وكيف اليأس يسحقني ؟
وكيف أمامكم أبكي ؟
يميناً ، بعد هذا اليوم لن أبكي !
*
أحبائي حصان الشعب جاوزَ –
كبوة الأمسِ
وهبَّ الشهمُ منتفضاً وراء النهرْ
أصيخوا ، ها حصان الشعبِ –
يصهلُ واثق النّهمه
ويفلت من حصار النحس والعتمه
ويعدو نحو مرفأه على الشمسِ
وتلك مواكب الفرسان ملتمَّه
تباركه وتفديه
ومن ذوب العقيق ومنْ
دم المرجان تسقيهِ
ومن أشلائها علفاً
وفير الفيض تعطيهِ
وتهتف بالحصان الحرّ : عدوا يا –
حصان الشعبْ
فأنت الرمز والبيرق
ونحن وراءك الفيلق
ولن يرتدَّ فينا المدُّ والغليانُ –
والغضبُ
ولن ينداح في الميدان
فوق جباهنا التعبُ
ولن نرتاح ، لن نرتاح
حتى نطرد الأشباح
والغربان والظلمه
*
أحبائي مصابيحَ الدجى ، يا اخوتي
في الجرحْ ...
ويا سرَّ الخميرة يا بذار القمحْ
يموت هنا ليعطينا
ويعطينا
ويعطينا
على طُرقُاتكم أمضي
وأزرع مثلكم قدميَّ في وطني
وفي أرضي
وأزرع مثلكم عينيَّ
في درب السَّنى والشمسْ

poetry 

الشاعر الثائر عبد الرحيم محمود من عنبتا - فلسطين (1913-1948) استشهد في معركة الشجرة قرب الناصرة.

من اشعاره ما قاله في قرية عنبتا امام الأمير سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية (الملك سعود فيما بعد)، في عام 1935 وكان عمره اثنين وعشرين عامًا قال فيها:

  

يا ذا الأمير أمام عَيْنِـك شاعرٌ ضُمَّت على الشَّكوى المريرة أَضْلُعُهْ

 المَسجد الأقصى أَجِئْتَ تَزُورُه؟‍ أم جئـت من قِبَلِ الضِّبَـاع تُوَدِّعُهْ؟‍

 حَـَرمٌ مُبـاحُ لكـل أَوْكَعَ آبقٍ              ولكـلِّ أَفَّــاقٍ شـَرِيدٍ، أَرْبُعُه

 وغدًا وما أدناه، لا يبقى سوى         دَمْعٍ لنـا يَهْمَـي وَسِـنٍّ نَقْرَعُه

 

 وهنا يتضح بُعد نظر الشاعر الشاب ورؤيته الواقعية للظروف العربية شعوبًا وحكامًا.  في قصيدته (الشهيد) في عام 1937 وكان عمره حوالي أربعة وعشرين عامًا يُصور الشهيد كما يتمنَّاه:

 

سأحمل روحي على راحتي     وألقي بها في مهاوي الردى

 فإما حياةٌ تسر الصديق                وإما ممات يغيظ العدا

 ونفس الشـريف لها غـايتان      ورود المنـايا ونيـلُ المنى

 لعمـرك إنـي أرى مصرعي      ولكـن أَغُـذُّ إليـه الخطى

 أرى مقتلي دون حقي السليب ودون بلادي هـو المُبتـغى

 يَلَذُّ لأذني سماع الصليل         يُهيجُ نَفْسِي مَسِـيلُ الدِّمـا

 وجسـمٌ تَجَدَّلَ فوق الهضـاب     تُنَأوِشُـه جَـارِحات الفَـلا

 فمنـه نصيـبٌ لِأُسْـِد السَّما     ومنه نصيب لأسـد الشَّرَى

 كسـا دَمُه الأرضَ بالأُرجُوان وأثقل بالعطر رِيـحَ الصَّـبا

 وعَفَّـر منـه بَهِـيَّ الجَـِبين       ولكن عُفـارًا يـزيـد البَـها

 وبَانَ علـى شَفَتَـْيه ابْتـسام      مَعـانِيْهِ هُـزْءٌ بِهـذِي الدُّنـا

 ونام لِيَحْـلُمَ حُلْـمَ الخـُـلودِ        ويَهْنَـَأ فيـه بِـأحْلَى الرُّؤى

 لَعَمْرُكَ هذا ممـات الرجـال     ومن رَامَ موتـًا شـريفًا فَذَا

 

اختار الشاعر قافية المَدِّ أيًّا كان الحرف الأخير لهذه القصيدة الرائعة التي تصور ممات الرجال الشرفاء من أجل الوطن، فالتلذذ بأصوات المدافع والبهجة بإسالة الدماء تُهون على الشرفاء الموت من أجل قضية كبرى يُدافع عنها ألا وهي تحرير البلاد والاحتفاظ بكرامتها. وفي قصيدته (دعوة إلى الجهاد) يقول مستهترًا بالموت فداء للوطن:

 دعا الوطن الذبيح إلى الجهاد فَخَفَّ لِفَرْطِ فَرْحَتِه فؤادي

 وَسابَقْتُ النَّسِيمَ ولا افتخارٌ   أَلَيْسَ عليّ أن أَفْدِي بِلادِي

 حَمَلْتُ عَلَى يَدِيْ رُوحي   وقلبي وما حَمَّلتُها إلا عتادي

 فسِيْرُوا للنِّضَالِ الحقِّ نارًا تَصُبُّ على العِدَا في كل وادِ

  فليس أَحَطُّ من شَعْبٍ قَعِيْد    عن الجَلَّى وموطنه ينادي

وقال في رثاء قائد الثورة الفلسطينية الكبرى: عبد الرحيم الحاج محمد (ابو كمال) 27/3/ 1939:

أإذا أنشدت يوفيك نشيدي حقك الواجب يا خير شهيد
أي لفظ يسع المعنى الذي منك استوحيه يا وحي قصيدي
لا يحيط الشعر فيما فيك من خلق زاك ومن عزم شديد
كملت فيك المروءات فلم يبق منها زائد للمستزيد

~*~*~*~*~*~
أيها القائد لم خلفتنا ولمن وليت تصريف الجنود
أقفر الميدان من فرسانه وخلا من أهله غاب الأسود
خمدت نار قد أضرمتها لعدى كانوا لها بعض الوقود
والحمى قد ريع يا ذخر الحمى وغدا بعدك منقوص الحدود

~*~*~*~*~*~
لم أكن قبلك ادري ما الذي يرخص الدمع ويودي بالكبود
إن يوما قد رزئناك به جاعل أيامنا سودا بسود
ملكت نفس الأوداء أسى فيه وارتاحت له نفي اللدود
كل بيت لك فيه مأتم يندب الناس به أغلى فقيد
للمناجاة صدى مرتجع في بلاد العرب سهل ونجود
برزت فيها المصوتات ضحى صارخات قارعات للخدود
وا حبيب الأمة قد يتمتنا يا أبا كل فتاة ووليد
صعدوا من لوعة زفراتهم فأذابت قاسي الصخر الصلود
جعلوا من كل صدر مسكنا لارتفاع بك عن سكنى اللحود
كل قلب لك فيه مصحف فيه من ذكرك قرآن الخلود
سور قد فصلت آياتها لم تزل تتلى على الدهر الأبيد

~*~*~*~*~*~
أيها القائد هذي ميتة طالما رجيتها منذ بعيد
مصرع الأبطال مابين الحديد في الميادين ورفات البنود
هذه أعراسهم صخابة نقرة الدف بها قصف الرعود
فيروون الثرى من دمهم ويحنون به كف الصعيد
ويزفون عليهم حلل من نجيع الحرب تزري بالبرود
هم تعاويذ الحمى يقصى بهم عنه مكر السوء أو كيد الحسود
تحرق العاني أنفاسهم ويذيبون بها غل القيود
وعلى أكتافهم تجنى المنى ويشاد الصرح للعيش الحميد


~*~*~*~*~*~
يا شهيدا قد تخذنا قبسا منه يهدينا إلى النهج السديد
مثل أنت وما أن تنتسى لا تني ترويك أفواه الوجود
مت في الحرب شريفا لم تطق ربقة الأسر ولا ذل العبيد
هكذا العار مرير ورد والردى للحر معسول الورود
وا حبيب الأمة قد أصبح العيش من بعدك لي جد نكيد
جمد الدمع بعيني جزعا يا لنار القلب من دمعي الجمود
فأذبت الروح أبكيك بها بدل الدمع فسالت في نشيدي

________________________________________________________

يعقوب يوسف شيحا

نشيد العودة و الانتظار

منذ أن غادرت المراكب  ميناء يافا
لم تعد هناك أصوات لبحارة

أو صدى لأمواج البحر
ما زال النورس يستوطن زوايا المكان
وأصوات اليمام ما زالت تنوح
كانت تأتنس لسكان المكان
كما كان الناس يأنسون
لصوت نواحها
وهديلها
لم يزل ميناء يافا
يشكو الوحدة
لم يعد لديه صوت
بحارة ولا حتى صدى لموج
كنت بالأمس أطل على
الميناء في الليالي المقمرة
لأرى ضوء القمر مُذاباً
تتقاذفه الأمواج
وتتكسر به عند عتبات الليل
وكانت دفقات النسيم
تداعب أشرعة السفين
وكانت زرقة الأفق
تمتد عبر المدى
تعانق الصفاء
وتغني لنا
وتلهم الشعراء
بالجديد من القصائد
يرددها البحارة
عند الرحيل
وعند العودة
للقاء الأهل والأصدقاء
هذا زمن ما زال ممكنا
ما زال يسمح لي بارتقاء
آخر عربة في الزمان الأخير
وهذا النهار اختياري
نهضت على إيقاعه
متجدداً .. متحولا
والشمس تولد من جديد
فهل فات الأوان
على عودتي
كي اضل طريقي
وأهتدي
وأرى حياتي في انتصار ضيائها
لكي أنضدد التفاصيل الصغيرة
في نشيد العودة والانتظار

الاخطل الصغير بشارة الخوري

الشاعر بشارة الخوري (الاخطل الصغير)


سائل   العلياء   عنا     والزمانا          هل  خفرنا   ذمَّةً   مُذْ   عرفانا
المروءاتُ   التي   عاشت   بنا        لم تزل تجري سعيراً  في    دِمانا
قل   (لجونْ   بولٍ)إذا   عاتبتَهُ          سوف  تدعونا  ولكن  لا   ترانا
قد   شفينا   غلّة   في   صدره          وعطشنا،  فانظروا  ماذا  سقانا
يوم    نادانا     فلبّينا     النِدا           وتركنا    نُهيَةَ    الدين    ورانا
ضجَّت الصحراء  تشكو    عُرْيَها        فكسوناها      زئيراً      ودُخانا
مذ  سقيناها  العُلا   من   دمنا            أيقنت   أن   مَعَدّاً   قد    نمانا
ضحك   المجدُ   لنا   لما   رآنا           بدم   الأبطال   مصبوغاً   لِوانا
عرسُ الأحرار أن تسقي    العِدى        أكؤساً   حُمراً   وأنغاماً   حزانى
نركب الموتِ إلى (العهد)    الذي          نحرتْه    دون    ذنب    حُلفانا
أمِنَ    العدل     لديهم     أننا          نزرع  النصر   ويجنيه     سِوانا
كلّما   لَوَّحتَ    بالذكرى    لهم          أوسعوا  القول   طلاء   ودِهانا
ذنبنا   والدهر    في    صرعته        أنٍْ  وفينا  لأخي  الوِد   وخانا
يا  جهاداً   صفّق   المجد   له          ليس   الغارُ   عليه     الأرجوانا
شرفٌ   باهتْ    فلسطينٌ    به           وبناءٌ    للمعالي    لا    يُدانى
إن  جرحاً  سال   منْ   جبهتها          لثمتهُ      بخشوعٍ       شفتانا
وأنيناً    باحت    النجوى    به          عربياً       رشفتهُ       مقلتانا
يا  فلسطين   التي   كدنا   لما          كابدته من  أسىً  ننسى    أسانا
نحن يا أختُ على  العهد  الذي          قد  رضعناه  من  المهد   كِلانا
يثربٌ   والقدسُ   منذُ    احتلما        كعبتانا   وهوى   العرب   هوانا
شرفٌ    للمت    أن     نطعمه        أنفساً   جبارة    تأبى    الهوانا
وردةٌ   من   دمنا    في    يده           لو أتى النار  بها  حالت  جنانا
انشروا  الهول   وصُبّوا   ناركمْ        كيفما  شئتم  فلن  تلقوا  جبانا
غذّتِ   الأحداثُ   منّا      أنفُساً        لمْ  يزدها  العنفُ  إلاّ   عنفوانا
قَرَعَ (الدوتشيلكم ظهر العصا        وتحدّاكم     حساماً      ولسانا
إنهُ     كفوٌ     لكمْ     فانتقموا          ودعونا   نسألُ    الله    الأمانا
قُمْ إلى الأبطال  نلمسْ    جرحهمْ        لمسة   تسبحُ   بالطيب     يدانا
قم نجعْ  يوماً  من  العمر    لهمْ        هبْهُ صوم الفصح، هبهُ   رمضانا
إنما  الحقُّ   الذي   ماتوا     له        حقنا،  نمشي  إليه  أين     كانا

___________________________________________________

الشاعر الشهيد كمال ناصر
poetry
الشاعر الشهيد كمال ناصر صحفي و سياسي انتخب نائباً عن دائرة رام الله عام 1956، ومن قياديي الثورة الفلسطينية. من بير زيت ولد في غزة عام 1924، وتوفي في بيروت عام 1973 في مذبحة الفردان بيد ايهود باراك شخصيا مع قائدين فلسطينين آخرين هما كمال عدوان ومحمد يوسف النجار. و ام يوسف النجار. قال في يافا:

تلك يافا، فيا عيون أستحمـــي وتملّي من فيضـــها اللألاء

بأبي، بالحيــاة ساعة حـــب تحتويني في " مدرج المينــاء"

ينتهـي عندها الزمان ويفنـــى في خضمّ العناق والاشتهــاء!

تلك يافا الشهية الضــرع تبـدو كبرياءً في غمـرة الأضــواء

لم يزل برتقــالها يتهــــادى فوق أعطافهــا بأسخى العطاء
______________________________________________
tawfiq zayyad
توفيق زياد
أناديكم 
أشد على أياديكم.. 
أبوس الأرض تحت نعالكم 
وأقول: أفديكم 
وأهديكم ضيا عيني 
ودفء القلب أعطيكم 
فمأساتي التي أحيا 
نصيبي من مآسيكم. 
أناديكم 
أشد على أياديكم.. 
أنا ما هنت في وطني ولا صغرت أكتافي 
وقفت بوجه ظلامي 
يتيما، عاريا، حافي 
حملت دمي على كفي 
وما نكست أعلامي 
وصنت العشب الأخضر فوق قبور أسلافي 
أناديكم... أشد على أياديكم!!
_________________________

					

إلى أبطال غزّة

شعر نزار قباني

 

* يا تلاميذَ غزَّةٍ...

علّمونا..

بعضَ ما عندكمْ

 فنحنُ نسينَا...

 

* علّمونا..

بأن نكونَ رجالاً

 فلدينا الرجالُ..

صاروا عجينا..

 

* اضربوا..

اضربوا..

بكلِّ قواكمْ

 واحزموا أمركمْ

 ولا تسألونا..

 

* نحنُ موتى...

لا يملكونَ ضريحاً

 ويتامى..

لا يملكونَ عيونا

 

* قد لزمنا جحورنا...

وطلبنا منكمُ

 أن تقاتلوا التنّينا

 

* قد صغرنا أمامكمْ

 ألفَ قرنٍ..

وكبرتُمْ

-خلالَ شهرٍ- قرونا

 

* حرِّرونا

 من عُقدةِ الخوفِ فينا..

واطردوا

 من رؤوسنا الأفْيونا..

 

* أمطِرونا..

بطولةً ، وشموخاً

 واغسلونا من قُبحنا

 اغسلونا..

 

* إن هذا العصرَ اليهوديَّ

 وَهـْمٌ..

سوف ينهارُ..

لو ملكنا اليقينا..

 

* إن عصرَ العقلِ السياسيِّ

 ولَّى من زمانٍ

 فعلّمونا الجنونا..